فصل: الآية (30)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 25 - 27

وأخرج الفريابي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏لقد نصركم الله في مواطن كثيرة‏}‏ قال‏:‏ هي أول ما أنزل الله تعالى من سورة براءة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وسنيد وابن حرب وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ أول ما نزل من براءة ‏{‏لقد نصركم الله في مواطن كثيرة‏}‏ يعرفهم نصره ويوطنهم لغزوة تبوك‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏لقد نصركم الله في مواطن كثيرة‏}‏ قال‏:‏ هذا مما يمن الله به عليهم من نصره إياهم في مواطن كثيرة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال ‏{‏حنين‏}‏ ماء بين مكة والطائف، قاتل النبي صلى الله عليه وسلم هوازن وثقيف، وعلى هوازن مالك بن عوف، وعلى ثقيف عبد يا ليل بن عمرو الثقفي‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح نصف شهر، ولم يزد على ذلك حتى جاءته هوازن وثقيف فنزلوا بحنين، وحنين واد إلى جنب ذي المجاز‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال ‏"‏لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا‏:‏ الآن والله نقاتل حين اجتمعنا، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم، فالتقوا فهزمهم الله حتى ما يقوم منهم أحد على أحد، حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أحياء العرب إلي فوالله ما يعرج إليه أحد حتى أعرى موضعه، فالتفت إلى الأنصار وهم ناحية ناحية فناداهم‏:‏ يا أنصار الله وأنصار رسوله إلى عباد الله أنا رسول الله، فعطفوا وقالوا‏:‏ يا رسول الله ورب الكعبة إليك والله، فنكسوا رؤوسهم يبكون وقدموا أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليهم‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع رضي الله عنه ‏"‏أن رجلا قال يوم حنين‏:‏ لن نغلب من قلة‏.‏ فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل ‏{‏ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم‏}‏ قال الربيع‏:‏ وكانوا اثني عشر ألفا، منهم ألفان من أهل مكة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد البغوي في معجمه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح يا رسول الله‏.‏ قال ‏"‏أجل، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا بلال‏.‏‏.‏‏.‏فثار من تحت سمرة كان ظله ظل طائر فقال‏:‏ لبيك وسعديك وأنا فداؤك‏.‏ ثم قال‏:‏ أسرج لي فرسي‏.‏ فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر قال‏:‏ فركب فرسه ثم سرنا يومنا فلقينا العدو وتشامت الخيلان فقاتلناهم، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، فاقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه، وحدثني من كان أقرب إليه مني‏:‏ أنه أخذ حفنة من تراب فحثاها في وجوه القوم وقال‏:‏ شاهت الوجوه‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال يعلى بن عطاء رضي الله عنه‏:‏ فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا‏:‏ ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد، فهزمهم الله عز وجل‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولى الناس عنه وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا نحو من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته، فمضى قدما فقال ‏"‏ناولني كفا من تراب‏.‏ فناولته فضرب وجوههم، فامتلأت أعينهم ترابا وولى المشركون أدبارهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه‏.‏ أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم، فجعلوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، ثم قال‏:‏ يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله، فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال ‏"‏شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بلغته الشهباء التي أهداها له فروة بن معاوية الجذامي، فلما التقى المسلمون والمشركون ولي المسلمون مدبرين وطفق النبي صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة أن لا تسرع وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين، وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا عباس نادي أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة، فوالله لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ينادون يا لبيك يا لبيك، فأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار، وارتفعت الأصوات وهم يقولون‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار‏.‏ ثم قصرت الدعوة على بني الحرث بن الخزرج، فتطاول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته فقال‏:‏ هذا حين حمى الوطيس، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال‏:‏ انهزموا ورب الكعبة‏.‏ فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصيات، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا حتى هزمهم الله عز وجل‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين الأنصار فقال‏:‏ يا معشر الأنصار‏.‏ فأجابوه لبيك - بأبينا أنت وأمنا - يا رسول الله‏.‏ قال ‏"‏أقبلوا بوجوهكم إلى الله ورسوله يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار‏.‏ فأقبلوا ولهم حنين حتى أحدقوا به كبكبة تحاك مناكبهم يقاتلون حتى هزم الله المشركين‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم‏:‏ اليوم والله نقاتل، فلما التقوا واشتد القتال ولوا مدبرين، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، فقال‏:‏ ‏"‏يا معشر المسلمين إلي عباد الله، أنا رسول الله‏.‏ فقالوا‏:‏ إليك - والله - جئنا، فنكسوا رؤوسهم ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ‏"‏أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من بعير، ثم قال‏:‏ أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة، وعليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الأنفال، ويقول‏:‏ ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ رأيتنا يوم حنين وإن الفئتين لموليتان، وعن عكرمة قال‏:‏ لما كان يوم حنين ولى المسلمون وولى المشركون، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏أنا محمد رسول الله ثلاث مرات - وإلى جنبه عمه العباس - فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه‏:‏ يا عباس أذن يا أهل الشجرة، فأجابوه من كل مكان لبيك لبيك حتى أظلوه برماحهم، ثم مضى فوهب الله له الظفر، فأنزل الله ‏{‏ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم‏}‏ الآية ‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبيد الله بن عمير الليثي رضي الله عنه قال ‏"‏كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف من الأنصار، وألف من جهينة، وألف من مزينة، وألف من أسلم، وألف من غفار، وألف من أشجع، وألف من المهاجرين وغيرهم، فكان معه عشرة آلاف‏.‏ وخرج باثني عشر ألفا، وفيها قال الله تعالى في كتابه ‏{‏ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه‏.‏ أنه قيل له‏:‏ هل كنتم وليتم يوم حنين‏؟‏ قال‏:‏ والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح، فلقوا جمعا رماة هوازن وبني النضر ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقا ما كادوا يخطئون، فأقبلوا هنالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يقود به، فنزل ودعا واستنصر ثم قال‏:‏

أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب

ثم صف أصحابه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ قتلهم بالسيف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ في يوم حنين أمد الله رسوله صلى الله عليه وسلم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، ويومئذ سمى الله تعإلى الأنصار مؤمنين قال ‏{‏ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال‏:‏ رأيت قبل هزيمة القوم - والناس يقتتلون - مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي، لم أشك أنها الملائكة عليهم السلام، ولم يكن إلا هزيمة القوم‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏وعذب الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ بالهزيمة‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبزي رضي الله عنه في قوله ‏{‏وعذب الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ بالهزيمة والقتل‏.‏ وفي قوله ‏{‏ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء‏}‏ قال‏:‏ على الذين انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين‏.‏

وأخرج ابن سعد والبخاري في التاريخ والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن عياض بن الحرث عن أبيه‏.‏ قال‏:‏ أن رسول صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا، فقتل من الطائف يوم حنين مثل قتلى يوم بدر، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء فرمى بها وجوهنا فانهزمنا‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال‏:‏ غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فلما واجهنا العدو وتقدمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من العدو فأرميته بسهم فتوارى عني فما دريت ما صنع، فنظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وأصحاب والنبي صلى الله عليه وسلم وأنا متزر وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحدهما مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏لقد رأى ابن الأكوع فزعا، فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم فقال‏:‏ شاهت الوجوه‏.‏ فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله تعالى، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في التاريخ والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن سفيان الثقفي رضي الله عنه قال ‏"‏قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الحصى فرمى بها في وجوهنا فانهزمنا، فما خيل إلينا إلا أن كل حجر أو شجر فارس يطلبنا‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في التاريخ وابن مردويه والبيهقي عن يزيد بن عامر السوائي - وكان شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم - قال‏:‏ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الأرض فرمى بها في وجوه المشركين وقال‏:‏ ارجعوا شاهت الوجوه، فما أحد يلقاه أخوه إلا وهو يشكو قذى في عينيه ويمسح عينيه‏.‏

وأخرج مسدد في مسنده والبيهقي وابن عساكر عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال‏:‏ حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال‏:‏ لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقوموا لنا حلب شاة إلا كفيناهم، فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم إذ التقينا إلى صاحب البغلة البيضاء فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقتنا عنده رجال بيض حسان الوجوه قالوا لنا‏:‏ شاهت الوجوه ارجعوا‏.‏ فرجعنا وركبوا أكتافنا وكانت إياها‏.‏

وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحق، حدثنا أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، أنه حدث أن مالك بن عوف رضي الله عنه بعث عيونا فأتوه وقد تقطعت أوصالهم فقال‏:‏ ويلكم ما شأنكم‏؟‏ فقالوا‏:‏ أتانا رجال بيض على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن مصعب بن شيبة بن عثمان الحجبي عن أبيه قال ‏"‏خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، والله ما خرجت إسلاما ولكن خرجت اتقاء أن تظهر هوازن على قريش، فوالله إني لواقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قلت‏:‏ يا نبي الله إني لأرى خيلا بلقا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر‏.‏ فضرب بيده عند صدري حتى ما أجد من خلق الله تعالى أحب إلي منه فقال‏:‏ فالتقى المسلمون فقتل من قتل، ثم أقبل النبي وعمر رضي الله عنه آخذ باللجام، والعباس آخذ بالغرز، فنادى العباس رضي الله عنه‏:‏ أين المهاجرون، أين أصحاب سورة البقرة‏؟‏ - بصوت عال - هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فأقبل الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

أنا النبي غير كذب * أنا ابن عبد المطلب

فأقبل المسلمون فاصطكوا بالسيوف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ الآن حمي الوطيس‏"‏‏.‏

 الآية 28

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد عامي هذا أبدا إلا أهل العهد وخدمكم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه في قوله ‏{‏إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا‏}‏ إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏إنما المشركون نجس‏}‏ أي أخباث ‏{‏فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا‏}‏ وهو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه‏.‏ نادى علي رضي الله عنه بالأذان، وذلك لتسع سنين من الهجرة، وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل حجة الوداع لم يحج قبلها ولا بعدها منذ هاجر، فلما نفى الله تعإلى المشركين عن المسجد الحرام شق ذلك على المسلمين، فأنزل الله ‏{‏وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله‏}‏ فأغناهم الله تعالى بهذا الخراج‏:‏ الجزية الجارية عليهم يأخذونها شهرا شهرا وعاما عاما، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم ذلك إلا صاحب الجزية أو عبد رجل من المسلمين‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يتجرون فيه، فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون‏:‏ فمن أين لنا الطعام‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء‏}‏ قال‏:‏ فأنزل الله عليهم المطر وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا‏}‏ شق على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا‏:‏ من يأتينا بطعامنا وبالمتاع‏؟‏ فنزلت ‏{‏وإن خفتم عيلة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نفى الله تعالى إلى المشركين عن المسجد الحرام ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين فقال‏:‏ من أين تأكلون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم العير‏؟‏ قال الله تعالى ‏{‏وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء‏}‏ فأمرهم بقتال أهل الكفر وأغناهم من فضله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ قال المؤمنون‏:‏ قد كنا نصيب من متاجر المشركين‏.‏ فوعدهم الله تعالى أن يغنيهم من فضله عوضا لهم بأن لا يقربوا المسجد الحرام، فهذه الآية من أول براءة في القراءة وفي آخرها التأويل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال‏:‏ لا يدخل الحرم كله مشرك، وتلا هذه الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والنحاس في ناسخه عن عطاء عن عطاء رضي الله عنه في قوله ‏{‏فلا يقربوا المسجد الحرام‏}‏ قال‏:‏ يريد الحرم كله‏.‏ وفي لفظ‏:‏ لا يدخل الحرم كله مشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ‏{‏وإن خفتم عيلة‏}‏ قال‏:‏ الفاقة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏فسوف يغنيكم الله من فضله‏}‏ قال‏:‏ أغناهم الله تعالى بالجزية الجارية‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي رضي الله عنه قال‏:‏ كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن يمنع أن يدخل اليهود والنصارى المساجد، واتبع نهيه ‏{‏إنما المشركون نجس‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏إنما المشركون نجس‏}‏ فمن صافحهم فليتوضأ‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من صافح مشركا فليتوضأ، أو ليغسل كفيه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال ‏"‏استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام، فناوله يده فأبى أن يتناولها فقال‏:‏ يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدي‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏إنك أخذت بيد يهودي فكرهت أن تمس يدي يدا قد مستها يد كافر، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، فناوله يده فتناولها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه وسمويه في فوائده عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين رسول صلى الله عليه وسلم أجل فأجله مدته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح‏:‏ لا يدخل المسجد الحرام مشرك، ولا يؤدي مسلم جزية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمر بن العزيز قال‏:‏ آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال ‏"‏قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقى بأرض العرب دينان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج رضي الله عنه قال ‏"‏بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بأن لا يترك يهودي ولا نصراني بأرض الحجاز، وأن يمضي جيش أسامة إلى الشام، وأوصى بالقبط خيرا فإن لهم قرابة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال‏:‏ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال‏:‏ إن آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال ‏"‏أخرجوا اليهود من أرض الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لئن بقيت لأخرجن المشركين من جزيرة العرب، فلما ولي عمر رضي الله عنه أخرجهم‏"‏‏.‏

 الآية 29

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ أنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس‏}‏ فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون، فلما حرم الله تعالى على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، فأنزل الله تعالى ‏{‏وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء‏}‏ فأجل في الآية الأخرى التي تتبعها الجزية، ولم تكن تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر‏}‏ إلى قوله ‏{‏صاغرون‏}‏ فلما أحق ذلك للمسلمين عرفوا أنه قد عوضهم أفضل ما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركين يوافون به من التجارة‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏القتال قتالان‏:‏ قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله فإذا فاءت أعطيت العدل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نزلت هذه حين أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بغزوة تبوك‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال‏:‏ أنزلت في كفار قريش والعرب ‏(‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 193‏)‏ وأنزلت في أهل الكتاب ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر‏}‏ إلى قوله ‏{‏حتى يعطوا الجزية‏}‏ فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزية عن يد قال ‏"‏جزية الأرض والرقبة، جزية الأرض والرقبة‏"‏‏.‏

وأخرج النحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر‏}‏ قال‏:‏ نسخ بهذا العفو عن المشركين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اله عنه في الآية قال‏:‏ لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله‏}‏ يعني الذين لا يصدقون بتوحيد الله ‏{‏ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله‏}‏ يعني الخمر والخنزير ‏{‏ولا يدينون دين الحق‏}‏ يعني دين الإسلام ‏{‏من الذين أتوا الكتاب‏}‏ يعني من اليهود والنصارى أوتوا الكتاب من قبل المسلمين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏}‏ يعني يذلون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏عن يد‏}‏ قال‏:‏ عن قهر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه في قوله ‏{‏عن يد‏}‏ قال‏:‏ من يده ولا يبعث بها مع غيره‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان رضي الله عنه في قوله ‏{‏عن يد‏}‏ قال‏:‏ عن قدرة‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏عن يد وهم صاغرون‏}‏ قال‏:‏ ولا يلكزون‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه في قوله ‏{‏وهم صاغرون‏}‏ قال‏:‏ غير محمودين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن المغيرة رضي الله عنه‏.‏ أنه بعث إلى رستم فقال له رستم‏:‏ إلام تدعو‏؟‏ فقال له‏:‏ أدعوك إلى الإسلام، فإن أسلمت فلك ما لنا وعليك ما علينا‏.‏ قال‏:‏ فإن أبيت‏؟‏ قال‏:‏ فتعطي الجزية عن يد وأنت صاغر‏.‏ فقال‏:‏ لترجمانه‏:‏ قل له أما إعطاء الجزية فقد عرفتها فما قولك وأنت صاغر‏؟‏ قال‏:‏ تعطيها وأنت قائم وأنا جالس والسوط على رأسك‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه أنه قال لأهل حصن حاصرهم الإسلام‏:‏ أو الجزية وأنتم صاغرون قالوا‏:‏ وما الجزية‏؟‏ قال‏:‏ نأخذ منكم الدراهم والتراب على رؤوسكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن سلمان رضي الله عنه‏.‏ أنه انتهى إلى حصن فقال‏:‏ إن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أنتم أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون، فإن أبيتم فأنبذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال‏:‏ أحب لأهل الذمة أن يتعبوا في أداء الجزية لقول الله تعالى ‏{‏حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن مسروق رضي الله عنه قال ‏"‏لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري رضي الله عنه قال‏:‏ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس أهل هجر، ومن يهود اليمن ونصاراهم من كل حالم دينار‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن بجالة قال‏:‏ لم يأخذ عمر رضي الله عنه الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن بن محمد بن علي رضي الله عنهم قال ‏"‏كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم قبل منه ومن أبى ضربت عليهم الجزية، حتى أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا ينكح منهم امرأة‏"‏‏.‏

وأخرج مالك والشافعي وأبو عبيد في كتاب الأموال وابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه‏.‏ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الناس في المجوس في الجزية فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏سنوا بهم سنة أهل الكتاب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال‏:‏ لولا أني رأيت أصحابي أخذوا من المجوس ما أخذت منهم، وتلا ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏.‏ أنه سئل عن أخذ الجزية من المجوس‏؟‏ فقال‏:‏ والله ما على الأرض أحد أعلم بذلك مني إن المجوس كانوا أهل كتاب يعرفونه وعلم يدرسونه، فشرب أميرهم الخمر فسكر فوقع على أخته، فرآه نفر من المسلمين فلما أصبح قالت أخته‏:‏ إنك قد صنعت بي كذا وكذا وقد رآك نفر لا يسترون عليك‏.‏ فدعا أهل الطمع فأعطاهم ثم قال لهم‏:‏ قد علمتم أن آدم عليه السلام قد أنكح بنيه بناته، فجاء أولئك الذين رأوه فقالوا‏:‏ ويل للأبعد إن في ظهرك حد الله فقتلهم أولئك الذين كانوا عنده، ثم جاءة امرأة فقالت له‏:‏ بلى قد رأيتك‏.‏ فقال لها‏:‏ ويحا لبغي بني فلان‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قالت‏:‏ أجل، والله لقد كانت بغية ثم تابت فقتلها، ثم أسرى على ما في قلوبهم وعلى كتبهم فلم يصبح عندهم شيء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه الجزيرة من العرب على الإسلام لم يقبل منهم غيره، وكان أفضل الجهاد، وكان بعد جهاد آخر على هذه الأمة في شأن أهل الكتاب ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله قال‏:‏ يقاتل أهل الأوثان على الإسلام، ويقاتل أهل الكتاب على الجزية‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ومنهم من لا يحل لنا، وتلا ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر‏}‏ فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤوه، ولفظ ابن مردويه‏:‏ لا يحل نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا، ثم تلا هذه الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال له‏:‏ آخذ الأرض فأتقبلها أرضا خربة فأعمرها وأؤدي خراجها فنهاه ثم قال‏:‏ لا تعمدوا إلى ما ولاه الله هذا الكافر فتخلعه من عنقه وتجعله في عنقك، ثم تلا ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون‏}‏ إلى ‏{‏صاغرون‏}‏‏.‏

 الآية 30

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ‏"‏أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وأبو أنس، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا‏:‏ كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله‏؟‏ وإنما قالوا‏:‏ هو ابن الله من أجل أن عزيرا كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم يعملون بها ما شاء الله تعالى أن يعملوا، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق، وكان التابوت فيهم فلما رأى الله تعالى أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء رفع الله عنهم التابوت، وأنساهم التوراة، ونسخها من صدورهم، وأرسل عليهم مرضا فاستطلقت بطونهم منهم حتى جعل الرجل يمشي كبده حتى نسوا التوراة ونسخت من صدورهم، وفيهم عزير كان من علمائهم فدعا عزير الله عز وجل وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدره، فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله تعالى نزل نور من الله فدخل جوفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة، فأذن في قومه فقال‏:‏ يا قوم قد آتاني الله التوراة ردها إلي، فعلق يعلمهم فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا وهو يعلمهم، ثم إن التابوت نزل عليهم بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت عرضوا ما كانوا فيه على الذي كان عزير يعلمهم فوجده مثله، فقالوا‏:‏ والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اله عنه في قوله ‏{‏وقالت اليهود عزير بن الله‏}‏ قال‏:‏ قالها رجل وأحد اسمه فنحاص‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كن نساء بني إسرائيل يجتمعن بالليل فيصلين ويعتزلن ويذكرن ما فضل الله تعالى به على بني إسرائيل وما أعطاهم، ثم سلط عليهم شر خلقه بختنصر فحرق التوراة وخرب بيت المقدس، وعزير يومئذ غلام فقال عزير‏:‏ أو كان هذا‏؟‏‏!‏ فلحق الجبال والوحش فجعل يتعبد فيها، وجعل لا يخالط الناس، فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال‏:‏ يا أمة الله اتقي الله واحتسبي واصبري، أما تعلمين أن سبيل الناس إلى الموت‏؟‏‏!‏ فقالت‏:‏ يا عزير أتنهاني أن أبكي وأنت خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش‏؟‏ قالت‏:‏ إني لست بامرأة ولكني الدنيا، وأنه سينبع في مصلاك عين وتنبت شجرة، فاشرب من العين وكل من ثمرة الشجرة، فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا‏.‏ فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة، وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور فأوجراه ما فيها، فألهمه الله التوراة فجاء فأملاه على الناس، فقالوا عند ذلك‏:‏ عزير بن الله، تعإلى الله عن ذلك علوا كبيرا‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ دعا عزير ربه عز وجل أن يلقي التوراة كما أنزل على موسى عليه السلام في قلبه، فأنزلها الله تعالى عليه، فبعد ذلك قالوا‏:‏ عزير بن الله‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن حميد الخراط رضي الله عنه‏.‏ أن عزيرا كان يكتبها بعشرة أقلام في كل أصبع قلم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الزهري رضي الله عنه قال‏:‏ كان عزير يقرأ التوراة ظاهرا، وكان قد أعطي من القوة ما أن كان ينظر في شرف السحاب، فعند ذلك قالت اليهود‏:‏ عزير بن الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال‏:‏ إنما قالت اليهود عزير بن الله لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم وأخذوا التوراة، وهرب علمائهم الذين بقوا فدفنوا كتب التوراة في الجبال، وكان عزير يتعبد في رؤوس الجبال لا ينزل إلا في يوم عيد، فجعل الغلام يبكي يقول‏:‏ رب تركت بني إسرائيل بغير عالم‏؟‏ فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفار عينيه، فنزل مرة إلى العيد فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلت له عند قبر من تلك القبور تبكي، تقول‏:‏ يا مطعماه يا كاسياه‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فقال لها‏:‏ ويحك من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك قبل هذا الرجل‏؟‏‏!‏ قالت‏:‏ الله‏.‏ قال‏:‏ فإن الله حي لم يمت‏.‏ قالت‏:‏ يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل‏؟‏ قال‏:‏ الله‏.‏ قالت‏:‏ فلم تبكي عليهم‏؟‏ فلما عرف أنه قد خصم ولى مدبرا‏.‏ فدعته فقالت‏:‏ يا عزير إذا أصبحت غدا فائت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم أخرج فصل ركعتين فإنه يأتيك شيخ فما أعطاك فخذه‏.‏ فلما أصبح انطلق عزير إلى ذلك النهر فاغتسل فيه ثم خرج فصلى ركعتين، فأتاه شيخ فقال‏:‏ افتح فمك‏.‏ ففتح فمه فألقمه فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة مجتمع كهيئة القوارير ثلاث مرات، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة فقال‏:‏ يا بني إسرائيل إني قد جئتكم بالتوراة‏.‏ فقالوا له‏:‏ ما كنت كذابا‏؟‏‏؟‏ فعمد فربط على كل أصبع له قلما، ثم كتب بأصابعه كلها فكتب التوراة، فلما رجع العلماء أخبروا بشأن عزير، واستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا رفعوها من التوراة في الجبال، وكانت في خواب مدفونة فعرضوها بتوراة عزيز، فوجدوها مثلها فقالوا‏:‏ ما أعطاك الله إلا وأنت ابنه‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ثلاث أشك فيهن‏.‏ فلا أدري أعزير كان نبيا أم لا، ولا أدري ألعن تبعا أم لا، قال‏:‏ ونسيت الثالثة‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ لما كان يوم أحد شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رافعا يديه يقول‏"‏إن الله عز وجل اشتد غضبه على اليهود أن قالوا عزير ابن الله، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا أن المسيح ابن الله، وأن الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال عزير‏:‏ يا رب ما علامة من صافيته من خلقك‏؟‏ فأوحى الله إليه‏:‏ أن أقنعه باليسير وأدخر له في الآخرة الكثير‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏يضاهئون قول الذي كفروا من قبل‏}‏ قال‏:‏ قالوا مثل ما قال أهل الأديان‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏يضاهئون قول الذي كفروا من قبل‏}‏ يقول‏:‏ ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم فقالت النصارى‏:‏ المسيح بن الله‏.‏ كما قالت اليهود‏:‏ عزير بن الله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏قاتلهم الله‏}‏ قال‏:‏ لعنهم الله، وكل شيء في القرآن قتل فهو لعن‏.‏

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏قاتلهم الله‏}‏ قال‏:‏ كلمة من كلام العرب‏.‏